رحلة الباحث عن عمل
عندما توضع أمام ضرورة اتخاذ قرار من شأنه أن يرسم الملامح الأولى لمسارك المهني سيكون هناك عوامل كثيرة تؤثر عليك كباحث عن عمل أو حتى كموظف جديد بالسلب أو الإيجاب، مثل العائد المالي وهوامش التطور ومدى الارتياح داخل بيئة العمل وما يندرج تحت ذلك من تعاملات إنسانية أو تسهيلات مادية محسوسة تُشعر الفرد بقيمته.
ولكن السؤال ماذا عن أثر تجارب الغير هنا؟ ماذا عن قصصهم وحكاياتهم التي تتردد على مسامعنا بين حينٍ وآخر؟ وإلى أي مدى تؤثر فينا إملاءات الآخرين وتصوراتهم؟ خصوصًا تلك التصورات التي بُنيت بطريقة لا نملك أي وسيلة فعالة تقودنا إلى التحقق من سلامتها وصحتها.
الحقيقة، أننا اليوم في معظم تعاملاتنا الحياتية نسير وفق ما يُمليه علينا السوق.. حتى أذواقنا بات يوجهها إعلان رائج لأفضل الأفلام التي يمكن مشاهدتها للعام الحالي أو قائمة بالكتب الأكثر مبيعًا التي تروج لها دور النشر أو توصيات مؤثر لأفضل المطاعم والأطباق وغيرها من المنتجات، لدرجة تُفقدك حقك في استشعار دهشة التجارب الجديدة.
ومما لا شك فيه أن هذه ظاهرة عززتها التقنية بصورة واضحة، فما كان مجرد إعلان هامشي في صحيفة ورقية عتيقة قد يصلك أو يفوتك بات اليوم يظهر على شاشتك الصغيرة بطرائق وأساليب إغرائية مختلفة وفي أي وقت ومن أي مكان.
ولكن ما علاقة كل ذلك بالباحث عن عمل أو الموظف الجديد؟ الحقيقة أن أصحاب التجارب العملية يمارسون الأمر ذاته بقصد أو دون قصد، فذاك يتحدث عن منصبه أو تخصصه الدراسي وكأن من لا ينتمي إلى صفه يجب أن لا يتأخر في كتابة وصيته “المهنية”، وآخر لا يترك كلمة مُعوجّة في قاموس اللغة إلا وقد استعان بها لوصف بيئة العمل والزملاء والمدير، بل وحتى الجمادات لم تسلم من ذلك، وهذه حقيقة ليست مبالغة أو محض خيال ولقد سبق أن أشارت مجلة Fortune لذلك حيث ذكرت في معرض مقال يتناول أغرب الأسباب التي دفعت الأفراد إلى ترك أعمالهم أن هناك من قدّم استقالته فقط لأن ” لون الحائط لم يُعجبه” وآخر فعل الأمر ذاته لأن ” السجُاد الموجود في عمله بغيض بحسب وجهة نظره”.
وكل ذلك للأسف، يترك انطباعًا ولو بصورة غير مباشرة عند الباحث عن العمل فيكون لديه تصور مسبق قابل للصحة والخطأ فيتردد كثيرًا في اتخاذ قراراته ويُصاب بإحباط لا مبرر له، والموظف الجديد كذلك تقّل حماسته وتزداد شكوكه.. أو خلافًا لذلك قد تتكون لديهم صورة وردية خالية من الشوائب ثم يُفاجئون بواقع غير الذي كان في الخيال.
وهذا يجعلنا نتساءل: ماذا يمكن أن يكون عليه الحال لو تُرك الفرد يخوض مغامراته المهنية بنفسه؟
نعم، ستظل هناك حاجة دائمة وأساسية لأخذ المشورة من مختصين مهنيين، يكون دورهم بالأساس هو التوجيه والإرشاد وهذا بلا شك عمل مؤسسي متكامل له أناسه، المشكلة تأتي في من يؤدي هذا الدور وهو ليس أهل له.
لذلك لا تصدق أي شيء، تحقق بنفسك دائمًا واصنع تجربتك الخاصة بعيدًا عن أي مؤثر. وتقبّل فكرة وجود بعض السلبيات، التي لا تخلو منها أي بيئة عمل ولكن لا تبالغ في تضخيم المواضيع، ولا تعامل الناس بمنظار الآخرين.. وفي الوقت نفسه تذكّر أنك تؤدي عملًا يُفترض أن تعرف فيه مسؤولياتك وحقوقك وواجباتك سلفًا، لأنه من هنا تحديدًا ينطلق كل شيء.
مصادر :
https://fortune.com/2012/05/16/20-weird-reasons-to-quit-your-job/